فصل: فصل فِي تَرْجَمَة البُخَارِيّ والتعريف بِقَدرِهِ وجلالته وَذكر نسبته ونسبه ومولده وَصفته:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تغليق التعليق على صحيح البخاري



قوله فِيهِ:

.بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} [22 الْقَمَر]:

وَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كل ميسر لما خلق لَهُ».
وَصله فِي الْبَاب بِلَفْظِهِ من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن وَأوردهُ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث عَلّي.
هَذَا طرف من حَدِيث أَوله كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَة وَفِيه: «مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار قَالُوا أَفلا نَدع الْعَمَل قَالَ لَا اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ» الحَدِيث.
وَهُوَ مُسْند عِنْد الْمُؤلف من حَدِيث أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَلِيّ بن أبي طَالب فِي الْقدر وَفِي التَّفْسِير وَغَيرهمَا.
قوله فِيهِ:
وَقَالَ مُجَاهِد: {يسرنَا الْقُرْآن} بلسانك هُوَ بإقرائه عَلَيْك.
وَقَالَ مطر الْوراق: {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مدكر} قَالَ هَل من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ.
أما قَول مُجَاهِد فَقَالَ الْفرْيَابِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد (فِي قوله: {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} [22 الْقَمَر] قَالَ هوناه).
وَأما قَول مطر فَقَالَ الْفرْيَابِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا ضَمرَة عَن ابْن شَوْذَب عَن مطر الْوراق (فِي قوله: {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مدكر} قَالَ من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ).
وَقَالَ ابْن أبي عَاصِم فِي كتاب الْعلم ثَنَا أَبُو عمر ثَنَا ضَمرَة بِهِ.
وَقد تقدم إسنادنا إِلَيْهِ فِي كتاب الْعلم من هَذَا الْكتاب.
قوله:

.بَاب قَول الله تَعَالَى: {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ} [21، 22 البروج] {وَالطور وَكتاب مسطور} [1، 2 الطّور]:

قَالَ قَتَادَة مَكْتُوب يسطرون يخطون فِي أم الْكتاب جملَة الْكتاب وَأَصله مَا يلفظ مَا يتَكَلَّم من شَيْء إِلَّا كتب عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس يكْتب الْخَيْر وَالشَّر يحرفُونَ يزيلون وَلَيْسَ أحد يزِيل لفظ كتاب من كتاب الله وَلَكنهُمْ يحرفونه يتألونه عَلَى غير تَأْوِيله دراستهم تلاوتهم وَاعِيَة حافظة وَتَعيهَا تحفظها وأوحي إِلَيّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ يَعْنِي أهل مَكَّة وَمن بلغ هَذَا الْقُرْآن فَهُوَ لَهُ نَذِير.
أما تفاسير قَتَادَة فَقَالَ عبد بن حميد أَخْبرنِي يُونُس عَن شَيبَان عَن قَتَادَة ({ن والقلم وَمَا يسطرون} [1، 2 الْقَلَم] قَالَ وَمَا يَكْتُبُونَ).
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: ثَنَا أبي ثَنَا هِشَام بن خَالِد ثَنَا شُعَيْب ثَنَا سعيد عَن قَتَادَة وَالْحسن (فِي قوله: {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} [18 ق] قَالَ مَا يلفظ من قَول أَي مَا يتَكَلَّم بِهِ من شَيْء إِلَّا كتب عَلَيْهِ).
وَبَاقِي ذَلِك تقدم فِي تَفْسِير الطّور وَفِي تَفْسِير الزخرف.
وَأما تَفْسِير ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن أبي حَاتِم حَدثنَا أبي ثَنَا أَبُو صَالح عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلِيّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس (فِي قَول الله: {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} [18 ق] قَالَ يكْتب كل مَا تكلم بِهِ من خير أَو شَرّ حَتَّى إِنَّه ليكتب قوله أكلت وشربت ذهبت وَجئْت رَأَيْت حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الْخَمِيس عرض قوله وَعَمله فَأقر مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ من خير أَو شَرّ وَأُلْقِي سائره فَذَلِك قوله: {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} [39 الرَّعْد]).
وَبِه (فِي قوله: {وَإِن كُنَّا عَن دراستهم لغافلين} [156 الْأَنْعَام] يَقُول إِن كُنَّا عَن تلاوتهم).
وَبِه (فِي قوله: {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} [12 الحاقة] يَقُول حافظة).
وَبِه (فِي قوله: {وأوحي إِلَيّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ} يَعْنِي أهل مَكَّة {وَمن بلغ} يَعْنِي من بلغه هَذَا الْقُرْآن فَهُوَ لَهُ نَذِير من النَّاس).
وَأما تَفْسِير: {يحرفُونَ} فَلم أره من كَلَام ابْن عَبَّاس وَإِنَّمَا أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق وهب بن مُنَبّه نَحْو ذَلِك.
قوله فِي:

.بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} [96 الصافات]:

وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة بَين الله الْخلق من الْأَمر بقوله تَعَالَى: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} [54 الْأَعْرَاف] وَسَمَّى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَان عملا وَقَالَ أَبُو ذَر وَأَبُو هُرَيْرَة سُئِلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: «إِيمَان بِاللَّه وَجِهَاد فِي سَبيله».
أما قَول ابْن عُيَيْنَة فَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: ثَنَا أَحْمد بن أخرم الْمُزنِيّ ثَنَا يَعْقُوب بْن دِينَار ثَنَا بشار بن مُوسَى قَالَ كُنَّا عِنْد سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَقَالَ سُفْيَان أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر فالخلق هُوَ الْخلق وَالْأَمر هُوَ الْكَلَام قَالَ وَكتب إِلَيّ عباد بْن الْوَلِيد الْعَنْبَري قَالَ كتب إِلَيّ نعيم بن حَمَّاد (سَمِعت سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَسُئِلَ عَن الْقُرْآن أمخلوق هُوَ فَقَالَ يَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} أَلا ترَى كَيفَ فرق بَين الْخلق وَبَين أمره فَأمره كَلَامه فَلَو كَانَ كَلَامه مخلوقا لم يفرق بَين خلقه وَكَلَامه).
وَأما تَسْمِيَة الْإِيمَان عملا فَتقدم قَرِيبا.
وَأما حَدِيث أبي ذَر فأسنده الْمُؤلف فِي الْعتْق من حَدِيث عُرْوَة بن الزبير عَن أبي مراوح عَنهُ فِي حَدِيث.
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فأسنده الْمُؤلف فِي الْإِيمَان وَفِي الْحَج من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث.
قوله فِيهِ:
وَقَالَ وَفد عبد الْقَيْس للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرنا بجمل من الْأَمر إِلَى آخِره.
أسْندهُ فِي الْبَاب.
قوله:

.بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَنَضَع الموازين الْقسْط} [47 الْأَنْبِيَاء] وَأَن أَعمال بني آدم وَقولهمْ يُوزن:

وَقَالَ مُجَاهِد القسطاس الْعدْل بالرومية.
قَرَأت عَلَى عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ أخْبركُم أَحْمد بن عَلِيّ بن الْحسن أَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل أخْبرهُم أَنا عَلِيّ بن حَمْزَة أَنا هبة الله بن مُحَمَّد أَنا أَبُو طَالب بْن غيلَان أَنا أَبُو بكر الشَّافِعِي ثَنَا إِسْحَاق بن الْحسن ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة.
وَأخْبرنَا أَحْمد بن أبي بكر فِي كِتَابه عَن سُلَيْمَان بن حَمْزَة أَن عَلِيّ بن الْحُسَيْن أنبأه أَنا الْحَافِظ أَبُو الْفضل بن نَاصِر فِي كِتَابه عَن أبي الْحسن عَلِيّ بن الْحُسَيْن الخلعي أَنا عبد الرَّحْمَن بن عمر بن سعيد أَنا مُحَمَّد بن أَيُّوب بن حبيب بن الصموت قرئَ عَلَى أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي مَرْيَم ثَنَا الْفرْيَابِيّ قَالَا: ثَنَا سُفْيَان عَن رجل عَن مُجَاهِد.
(ح) قَالَ الْفرْيَابِيّ: ثَنَا وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد (فِي قوله: {وزنوا بالقسطاس الْمُسْتَقيم} [35 الْإِسْرَاء] قَالَ هُوَ الْعدْل).
آخر الْكتاب وَللَّه الْحَمد وَعَلَى رَسُوله مُحَمَّد الصَّلَاة وَالسَّلَام.

.فصل فِي تَرْجَمَة البُخَارِيّ والتعريف بِقَدرِهِ وجلالته وَذكر نسبته ونسبه ومولده وَصفته:

هُوَ الإِمَام الْعلم الْفَرد تَاج الْفُقَهَاء عُمْدَة الْمُحدثين سيد الْحفاظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْمُغيرَة بن بردزبه بن الْأَحْنَف الْجعْفِيّ البُخَارِيّ وبردزبه بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ دَال مُهْملَة مَكْسُورَة ثمَّ زَاي سَاكِنة ثمَّ بَاء مُوَحدَة مَفْتُوحَة ثمَّ هَاء هَكَذَا قَيده الْأَمِير أَبُو نصر بن مَاكُولَا وَقَالَ هُوَ الزراع بلغَة أهل بُخَارَى وَقيل فِيهِ بذدزبه كَمَا مَضَى لَكِن بإبدال الرَّاء ذال مُعْجمَة.
كَانَ بردزبه مجوسيا فَأسلم ابْنه الْمُغيرَة عَلَى يَد الْيَمَان وإلي بُخَارَى وَكَانَ الْيَمَان جعفيا فنسب البُخَارِيّ إِلَيْهِ.
قَالَ إِسْحَاق بن أَحْمد بن خلف البُخَارِيّ سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ يَقُول سمع أبي من مَالك بن أنس وَرَأَى حَمَّاد بن زيد قد صَافح ابْن الْمُبَارك بكلتا يَدَيْهِ.
وَأَخْبرنِي بذلك أَبُو عَلِيّ الْبَزَّاز إِذْنا عَن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن عَلِيّ بن الْحُسَيْن عَن الْفضل بن سهل عَن الْخَطِيب أَنا الْحسن بن مُحَمَّد الدربندي أَنا مُحَمَّد بْن أبي بكر البُخَارِيّ الْحَافِظ أَنا أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن يَعْقُوب قَالَا: ثَنَا إِسْحَاق بن أَحْمد بن خلف بِهَذَا.
وَقَالَ ابْن حبَان فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة من الثِّقَات إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَالِد البُخَارِيّ يروي عَن حَمَّاد بن زيد وَمَالك رَوَى عَنهُ الْعِرَاقِيُّونَ.
وَقَالَ وراق البُخَارِيّ سَمِعت الْحسن بن الْحُسَيْن الْبَزَّاز يَقُول رَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل شَيخا نحيف الْجِسْم لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير ولد يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة لثلاث عشرَة لَيْلَة خلت من شَوَّال سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة ببخارى.
وَكَذَا حَكَاهُ المستنير بن عَتيق أَن البُخَارِيّ أخرج لَهُ بِهِ خطّ أَبِيه.
وَقَالَ الخليلي فِي الْإِرْشَاد سَمِعت أَحْمد بن أبي مُسلم الْفَارِسِي الْحَافِظ يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْفضل يَقُول سَمِعت أَبَا حسان مهيب بن سليم يَقُول سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول ولدت يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة لثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من شَوَّال سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.

.ذكر منشئه وَطَلَبه الحَدِيث:

قَالَ وراق البُخَارِيّ فِيمَا أَنبأَنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ إِذْنا مشافهة عَن كتاب سُلَيْمَان بن حَمْزَة عَن عبد الْعَزِيز بن باقا عَن طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر عَن أَحْمد بْن عَلِيّ بن خلف أَنا أَبُو طَاهِر أَحْمد بن عبد الله بن مهرويه أَنا أَحْمد بن عبد الله بْن مُحَمَّد بن يُوسُف أَنا جدي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي أَنا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي حَاتِم وراق البُخَارِيّ قلت وكل مَا أسوقه عَن وراق البُخَارِيّ فَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ قلت لأبي عبد الله كَيفَ كَانَ بَدْء أَمرك فِي طلب الحَدِيث قَالَ ألهمت حفظ الحَدِيث وَأَنا فِي الْكتاب قلت وَكم أَتَى عَلَيْك إِذْ ذَاك فَقَالَ عشر سِنِين أَو أقل ثمَّ خرجت من الْكتاب بعد الْعشْر فَجعلت اخْتلف إِلَى الداخلي وَغَيره فَقَالَ يَوْمًا فِيمَا كَانَ يقْرَأ للنَّاس سُفْيَان عَن أبي الزبير عَن إِبْرَاهِيم فَقلت يَا أَبَا فلَان إِن أَبَا الزبير لم يرو عَن إِبْرَاهِيم فَانْتَهرنِي فَقلت لَهُ ارْجع إِلَى الأَصْل إِن كَانَ عنْدك فَدخل وَنظر فِيهِ ثمَّ خرج فَقَالَ لي كَيفَ هُوَ يَا غُلَام فَقلت هُوَ الزبير بن عدي عَن إِبْرَاهِيم فَأخذ الْقَلَم وَأصْلح كِتَابه فَقَالَ صدقت فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه ابْن كم كنت إِذْ رددت عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْن احدى عشرَة سنة قَالَ فَلَمَّا طعنت فِي سِتّ عشرَة سنة حفظت كتب ابْن الْمُبَارك ووكيع وَعرفت كَلَام هَؤُلَاءِ ثمَّ خرجت مَعَ أُمِّي وَأخي أَحْمد إِلَى مَكَّة فَلَمَّا حججْت رَجَعَ أخي وَتَخَلَّفت بهَا فِي طلب الحَدِيث فَلَمَّا طعنت فِي ثَمَانِي عشرَة جعلت أصنف قضايا الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأقاويلهم وَذَلِكَ فِي أَيَّام عبيد الله بن مُوسَى وصنفت كتاب التَّارِيخ إِذْ ذَاك عِنْد قبر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيَالِي المقمرة قَالَ وَقل اسْم فِي التَّارِيخ إِلَّا وَله عِنْدِي قصَّة إِلَّا أَنِّي كرهت تَطْوِيل الْكتاب.
قلت الداخلي الْمَذْكُور لم أَقف عَلَى اسْمه وَلم يذكر ابْن السَّمْعَانِيّ وَلَا الرشاطي هَذِه النِّسْبَة وأظن أَنَّهَا نِسْبَة إِلَى الْمَدِينَة الدَّاخِلَة بنيسابور.
وَقَالَ إِسْحَاق بن أَحْمد بن خلف رَحل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي آخر سنة عشرَة وَمِائَتَيْنِ.
وَقَالَ بكر بن مُنِير سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول كنت عِنْد أبي حَفْص أَحْمد بن حَفْص أسمع كتاب الْجَامِع لِسُفْيَان الثَّوْريّ من كتاب وَالِدي فَمر أَبُو حَفْص عَلَى حرف وَلم يكن عِنْدِي مَا ذكر فراجعته فَقَالَ الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فراجعته فَسكت ثمَّ قَالَ من هَذَا قَالُوا ابْن إِسْمَاعِيل فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ واحفظوا أَن هَذَا يصير يَوْمًا رجلا.
وَقَالَ وراق البُخَارِيّ سمعته يَقُول كنت أختلف إِلَى الْفُقَهَاء بمرو وَأَنا صبي فَقَالَ لي مؤدب من أَهلهَا كم كتبت الْيَوْم قلت آيَتَيْنِ فَضَحِك من حضر الْمجْلس فَقَالَ شيخ مِنْهُم لَا تَضْحَكُوا مِنْهُ فَلَعَلَّهُ يضْحك مِنْكُم يَوْمًا.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق السمسار الْمُؤَذّن سَمِعت شَيْخي يَقُول ذهبت عينا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي صغره فرأت والدته إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ فِي الْمَنَام فَقَالَ يَا هَذِه قد رد الله عَلَى ابْنك بَصَره لِكَثْرَة دعائك أَو لِكَثْرَة بكائك قَالَ فَأصْبح وَقد رد الله عَلَيْهِ بَصَره.
وَقَالَ غُنْجَار فِي تَارِيخ بُخَارَى أَنا خلف بن مُحَمَّد قَالَ: سَمِعت أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل الْبَلْخِي يَقُول سَمِعت أبي يَقُول ذهبت عينا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل فِي صغره فَذكر مثله.
وَرَوَاهَا الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم اللالكائي فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء لَهُ عَن شيخ عَن غُنْجَار بِهِ.
أنبئت عَن أبي نصر بن الشِّيرَازِيّ عَن جده أبي نصر أَن الْحَافِظ أَبَا الْقَاسِم الدِّمَشْقِي أخبرهُ أَنا الْحُسَيْن بن عبد الْملك أَنا أَبُو طَاهِر بن مَحْمُود أَنا أَبُو بكر بن الْمُقْرِئ سَمِعت أَبَا أَحْمد النَّيْسَابُورِي سَمِعت أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي مجْلِس مَالك بن إِسْمَاعِيل وَهُوَ يبكي فَقلت لَهُ مَا يبكيك قَالَ لَا يمكنني أَن أكتب وَلَا أَن أضبط قَالَ ثمَّ جعل الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل كَمَا رَأَيْتُمْ وَقَالَ أَبُو حَاتِم سهل بن السّري قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ لقِيت أَكثر من ألف شيخ من أهل الْحجاز وَمَكَّة وَالْمَدينَة وَالْبَصْرَة وواسط وبغداد وَالشَّام ومصر لقيتهم قرنا بعد قرن وَذكر أَنه رَحل إِلَى الشَّام ومصر والجزيرة مرَّتَيْنِ وَإِلَى الْبَصْرَة أَربع مَرَّات وَأقَام بالحجاز سِتَّة أَعْوَام قَالَ وَلَا أحصي كم دخلت الْكُوفَة وبغداد مَعَ محدثي خُرَاسَان.
وَقَالَ وراق البُخَارِيّ سمعته يَقُول دخلت بَلخ فَسَأَلَنِي أَصْحَاب الحَدِيث أَن أملي عَلَيْهِم لكل من لقِيت حَدِيثا عَنهُ فأمليت ألف حَدِيث لِأَلف شيخ مِمَّن كتبت عَنْهُم ثمَّ قَالَ كتبت عَن ألف وَثَمَانِينَ نفسا لَيْسَ فيهم إِلَّا صَاحب حَدِيث وَقَالَ أَيْضا كتبت عَن ألف نَفْس من الْعلمَاء وَزِيَادَة وَلم أكتب إِلَّا عَمَّن قَالَ الْإِيمَان قَول وَعمل.
وَقَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد الْقطَّان سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول كتبت عَن ألف شيخ أَو أَكثر مَا عِنْدِي حَدِيث إِلَّا أذكر إِسْنَاده.
وَقَالَ وراق البُخَارِيّ سمعته يَقُول لم تكن كتابتي الحَدِيث كَمَا كتب هَؤُلَاءِ كنت إِذا كتبت عَن رجل سَأَلته عَن اسْمه وكنيته وَنسبه وَعلة الحَدِيث إِن كَانَ الرجل فهما فَإِن لم يكن سَأَلته أَن يخرج لي أَصله ونسخته وَأما الْآخرُونَ فَلَا يبالون مَا يَكْتُبُونَ وَلَا كَيفَ يَكْتُبُونَ.
قَالَ وَسمعت هاني بن النَّضر يَقُول كُنَّا عِنْد مُحَمَّد بن يُوسُف يَعْنِي الْفرْيَابِيّ بِالشَّام وَكُنَّا نتنزه وَكَانَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل مَعنا وَكَانَ لَا يزاحمنا فِيمَا نَحن فِيهِ بل مكث عَلَى الْعلم.
قَالَ وَسمعت الْعَبَّاس الدوري يَقُول مَا رَأَيْت أحسن طلبا للْحَدِيث من مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل كَانَ لَا يدع أصلا وَلَا فرعا إِلَّا بلغه ثمَّ قَالَ لنا لَا تدعوا شَيْئا من كَلَامه إِلَّا كتبتموه.
وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي عتاب الْأَعْين سمعنَا عَلَى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَلَى باب مُحَمَّد بن يُوسُف وَهُوَ أَمْرَد.
قلت كَانَ سنه إِذْ ذَاك بضع عشرَة سنة والأعين الْمَذْكُور من أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد الْمَشْهُورين وَالْفِرْيَابِي من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ.
وَقَالَ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر قدم البُخَارِيّ بِبَغْدَاد سنة عشر وَمِائَتَيْنِ وعزم عَلَى الْمُضِيّ إِلَى عبد الرَّزَّاق بِالْيمن فَالتقَى بِيَحْيَى بن جَعْفَر البيكندي فاستخبره فَقَالَ مَاتَ عبد الرَّزَّاق ثمَّ تبين أَنه لم يمت فَسمع البُخَارِيّ حَدِيث عبد الرَّزَّاق من يَحْيَى بن جَعْفَر قلت وَيَحْيَى بن جَعْفَر من الثِّقَات الْأَثْبَات وَمَا أعتقد أَنه افتَرَى وَفَاة عبد الرَّزَّاق بل لَعَلَّه حَكَاهُ لإشاعة لم تصح وَكَانَ يَحْيَى بن جَعْفَر بعد ذَلِك يَدْعُو لمُحَمد بن إِسْمَاعِيل ويفرط فِي مدحه وَسَيَأْتِي ذَلِك.
وَقَالَ الْخَطِيب وَالْبَيْهَقِيّ جَمِيعًا أَنا أَبُو حَازِم العبدوي سَمِعت مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الضَّبِّيّ سَمِعت أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف يَقُول سَمِعت جدي يَقُول سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول دخلت بَغْدَاد ثَمَانِي مَرَّات فِي كلهَا أجالس أَحْمد بن حَنْبَل فَقَالَ لي يَا أَبَا عبد الله تدع الْعلم وَالنَّاس وَتصير إِلَى خُرَاسَان قَالَ فَأَنا أذكر قوله الْآن.
وَقَالَ وراق البُخَارِيّ عَن حاشد بن إِسْمَاعِيل كَانَ البُخَارِيّ يخْتَلف مَعنا إِلَى مَشَايِخ الْبَصْرَة وَهُوَ غُلَام فَلَا يكْتب حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِك أَيَّام فلمناه فَقَالَ لنا بعد سِتَّة عشر يَوْمًا قد أَكثرْتُم عَلِيّ فاعرضوا عَلِيّ مَا كتبتم.
فأخرجناه فَزَاد عَلَى خَمْسَة عشر ألفا فقرأها كلهَا عَن ظهر قلب حَتَّى جعلنَا كلنا نحكم كتبنَا من حفظه فَعلمنَا أَنه لَا يتقدمه أحد فَكَانَ أهل الْمعرفَة بِالْبَصْرَةِ يعدون خَلفه فِي طلب الحَدِيث ويكتبون عَنهُ وَهُوَ شَاب حَتَّى يغلبوه عَلَى نَفسه ويجلسونه فِي بعض الطَّرِيق فيجتمع عَلَيْهِ أُلُوف أَكْثَرهم مِمَّن يكْتب عَنهُ وَكَانَ إِذْ ذَاك شَابًّا لم يخرج وَجهه.
وَقَالَ محب بن الْأَزْهَر السجسْتانِي كنت بِالْبَصْرَةِ فِي مجْلِس سُلَيْمَان بن حَرْب وَالْبُخَارِيّ جَالس لَا يكْتب فَقيل لبَعْضهِم مَاله لَا يكْتب فَقَالَ يرجع إِلَى بُخَارَى فَيكْتب من حفظه.
وَقَالَ الْوراق كَانَ شَدِيد الْحيَاء فِي صغره حَتَّى قَالَ شَيْخه مُحَمَّد بن سَلام البيكندي أَتَرَوْنَ الْبكر أَشد حَيَاء من هَذَا الْغُلَام قَالَ وسمعته يَقُول كنت فِي مجْلِس الْفرْيَابِيّ فَقَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن أبي عُرْوَة عَن أبي الْخطاب عَن أنس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يطوف عَلَى نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد قَالَ فَلم يعرف أحد فِي الْمجْلس أَبَا عُرْوَة وَلَا أَبَا الْخطاب فَقلت أما أَبُو عُرْوَة فمعمر وَأما أَبُو الْخطاب فقتادة قَالَ وَكَانَ الثَّوْريّ فعولًا لهَذَا يكني الْمَشْهُورين.